كان المشفى يضج بأصوات الأجهزة الطبية وهمسات الأطباء في الممرات، لكن داخل الغرفة، لم يكن هناك سوى ال**ت الثقيل. جلست إيفا بجوار والدتها، تمسك بيدها الباردة بقلق، بينما كان جوني جالسًا على مقعد بالقرب منهما، يراقبها بعينين حزينتين.
لم يكن يعرف كيف يخفف عنها. لم يكن يجيد الكلمات الدافئة، لكنه كان موجودًا، وهذا كان كل ما يستطيع تقديمه الآن.
إيفا (بصوت مبحوح): "هل ستستيقظ قريبًا؟"
نظر إليها جوني للحظة، ثم تن*د وأجاب بصوت هادئ: "الأطباء قالوا إنها تحتاج للراحة… لكنها قوية، أليس كذلك؟ ستعود إلينا قريبًا."
لم ترد إيفا، فقط أومأت برأسها، بينما كانت الدموع تلمع في عينيها. كان قلبها مثقلًا بالخوف، ولم تكن تعرف كيف تواجه كل هذا وحدها.
لكن فجأة، دوى صوت طنين حاد من جهاز جوني، مما جعله ينتفض واقفًا. سحب الجهاز بسرعة من جيبه، نظر إلى الشاشة، ثم تجمد للحظة.
"إنذار طارئ: نشاط غير طبيعي في المدينة… تحرك فورًا."
شحب وجهه، وشد قبضته على الجهاز. لم يكن يتوقع أن يعود هذا اليوم، وليس بهذه السرعة. التفت نحو إيفا، التي كانت تحدق به باستغراب.
إيفا: "ما الأمر؟"
لم يستطع جوني أن يشرح لها. لم يكن هذا الوقت مناسبًا.
"أمر طارئ… سأعود قريبًا، اعتني بوالدتك."
وركض خارج الغرفة قبل أن تتمكن من سؤاله المزيد.
خرج من المشفى بسرعة، شق طريقه عبر الشوارع، حتى وصل إلى زقاق مظلم في أطراف المدينة. كانت الأنوار خافتة، والجو مشحون بطاقة غريبة. وعندما توقف هناك، تجمد للحظة.
أمام عينيه، كان هناك ثلاثة رجال يقفون في الظل، بملامح مألوفة لم يرها منذ سنوات.
تايلور، فريدريك، وويليام.
تراجع تايلور خطوة إلى الوراء، بينما عقد فريدريك حاجبيه باندهاش. أما ويليام، فاكتفى بعبوس وهو يحدق في جوني.
تايلور (بصدمة): "لا أصدق… بعد كل هذه السنوات، أخيرًا قررت أن تعود؟"
وقف جوني صامتًا للحظات، ثم رفع رأسه ونظر إليهم بثبات.
"لم يكن لدي خيار… الأشباح عادت."
تايلور (بابتسامة ساخرة): "جون لي! لم نتوقع رؤيتك مجددًا… ظننا أنك تخليت عن كل هذا."
وقف جوني بثبات، عيناه المتوهجتان بالأصفر تلمعان في الظلام، بينما كان جسده متحفزًا للقتال. تنفس بعمق، قبل أن يجيب بصوت هادئ لكنه حاد:
"لم أعد أستخدم هذا الاسم منذ وقت طويل، تايلور."
تايلور (بعقد ذراعيه): "أوه، حقًا؟ إذن ماذا يجب أن أناد*ك الآن؟ جوني؟ الرجل الذي هجرنا وترك كل شيء وراءه؟"
تقدم ويليام خطوة للأمام، نظر إلى جوني بنظرة باردة قبل أن يقول: "اختفيت لسنوات، والآن تعود عندما يبدأ الخطر بالظهور مجددًا؟ هل تظن أننا سنرحب بك بالأحضان؟"
شد جوني قبضته، لكنه لم يرد على الفور. كان يعلم أنهم غاضبون… وربما على حق. لكنه لم يعد إلى هنا ليطلب رضاهم، بل لأنه لم يكن هناك خيار آخر.
جوني: "لم أعد من أجلكم. عدت لأن الأشباح عادت. وهذه المرة، الأمر أخطر مما نتصور."
ضحك فريدريك بسخرية، ثم قال: "يا إلهي، لم يتغير شيء فيك. دائمًا تلعب دور البطل!"
حدّق تايلور في جوني بعمق، ثم قال بصوت منخفض لكنه محمّل بالتهديد: "إذا كنت تفكر في العودة، فالأمر لن يكون بهذه السهولة. لقد تغيرت القواعد، جون لي."
نظر جوني إليهم جميعًا، ثم قال بحزم: "لا يهمني إن كانت القواعد قد تغيرت… أنا هنا لإنهاء ما بدأناه منذ زمن."
ساد ال**ت بينهم للحظات، قبل أن يبتسم تايلور بخبث ويقول: "حسنًا إذن… فلنرَ إن كنت لا تزال تملك القوة لذلك."
ظهر وميض خافت في الظلام، تلاه همسات مشوشة وأصوات متداخلة تملأ الزقاق وكأنها تأتي من كل اتجاه. فجأة، انبثقت ظلال باهتة من العدم، أشباح تتلوى بأشكال غير مستقرة، تقترب بسرعة مخيفة.
لم يكن هناك وقت للكلام. تحرك جوني أولًا، عيونه الصفراء المتوهجة تشع بقوة بينما اندفع نحو أقرب شبح بض*بة سريعة وقاتلة. تلاشت أطراف الكيان الطيفي للحظة قبل أن يعاود التشكل، لكن جوني لم يتوقف، بل دار حوله بسرعة مذهلة، مسددًا لكمة مشحونة بطاقة غامضة جعلت الشبح يصرخ قبل أن يتلاشى.
تايلور (يضحك بثقة وهو يصد هجومًا بشريطة المعدنية): "أرى أنك لم تفقد لمستك، جون لي!"
جوني (يرد دون أن يبعد عينيه عن الأشباح): "وأرى أنك ما زلت تتكلم أكثر مما تقاتل!"
كان فريدريك وويليام قد انخرطا أيضًا في القتال، يتحركان بانسجام كما كانوا يفعلون في الماضي. طعن ويليام أحد الأشباح بسلاحه الخاص، بينما أطلق فريدريك شحنة طاقة جعلت أحد الكيانات يذوب في الهواء.
لكن عدد الأشباح كان يزداد، وصراخها صار أعلى. في لحظة خاطفة، هجم أحدها على جوني من الخلف، لكن تايلور تدخّل في آخر لحظة، قاطعًا الهجوم بسيفه اللامع.
تايلور (بابتسامة ساخرة): "لا تقل لي أنك بدأت تبطؤ؟"
جوني (بنظرة حادة): "ركز على القتال، تايلور!"
كانوا جميعًا مستعدين… لكن هل سيكون ذلك كافيًا؟
وقف جوني في منتصف الزقاق، يتنفس بانتظام وكأنه لم يبذل أي مجهود يذكر. كانت الأشباح قد اختفت، تلاشت في الظلام كما ظهرت، ولم يبقَ سوى أثر طاقتها الباهتة في الهواء. رفع يده ونفضها وكأنه انتهى للتو من لعبة مسلية، قبل أن يستدير لمواجهة تايلور، الذي كان يرمقه بنظرة مستفزة كعادته.
تايلور (بابتسامة ساخرة وهو يعقد ذراعيه): "كما توقعت، ما زلت تتسلى بالأمر، جون لي. لا عجب أنك اختفيت كل هذه السنوات."
جوني (يرد ببرود بينما يمسح الغبار عن قميصه): "إنه ليس خطئي أنكم بطيئون جدًا لجعل الأمر ممتعًا."
قهقه ويليام وهو يشد رداءه، بينما فريدريك اكتفى بهز رأسه بنصف ابتسامة.
فريدريك: "لقد مر وقت طويل، لكن يبدو أن لا شيء تغير بينكما."
تايلور (يضيق عينيه بخبث): "ربما… لكن هناك شيء تغير. صحيح، جون لي؟"
ساد **ت قصير. لم يبدُ على جوني التأثر، لكنه أدار رأسه قليلًا وكأنه يتوقع المزيد من الحديث. تايلور لم يكن من النوع الذي يلمح دون أن يكون لديه ما يقوله بالفعل.
جوني (بصوت منخفض وتحذيري): "قل ما عندك، تايلور."
اقترب تايلور ببطء، حتى صار على بعد خطوات قليلة منه، ثم قال بصوت هادئ لكنه ممتلئ بالمعاني:
"سمعت أنك أصبحت… بشريًا أكثر مما يجب."
حدّق جوني في تايلور للحظات، عيناه الصفراء تلمعان تحت ضوء المصابيح الخافتة، لكنه لم يُظهر أي رد فعل يدل على الانزعاج. رفع حاجبه ببرود ثم قال بصوت هادئ لكنه قاطع:
"لا تهتم بما تسمع، تايلور. أنت تعرف جيدًا أن الأقاويل لا تعني شيئًا."
ثم استدار ببساطة، واضعًا يديه في جيوبه، وبدأ في الابتعاد عنهم بخطوات ثابتة، وكأن القتال وكل ما حدث لم يكن سوى موقف عابر.
وقف تايلور يراقبه وهو يختفي في الظلام، بينما فريدريك تبادل نظرة مع ويليام، وكلاهما بدا عليه الفضول.
ويليام (بصوت خافت): "لم يكن هكذا من قبل…"
فريدريك (متأملاً): "نعم… وكأنه يخفي شيئًا لا يريدنا أن نعرفه."
Waiting for the first comment……
Please log in to leave a comment.