عاد جوني إلى المستشفى بخطوات هادئة، لكنه كان يشعر بتناقض غريب داخله. لم يكن من السهل أن يعود إلى حياته القديمة للحظات ثم يتظاهر بأنه مجرد رجل عادي مرة أخرى.
عندما دخل إلى الغرفة، وجد إيفا نائمة على الكرسي بجانب سرير والدتها، ملامحها الطفولية كانت متعبة من البكاء والإرهاق. شعر بوخزة في ص*ره وهو يراها بهذه الحالة. تقدم بهدوء، خلع معطفه ووضعه عليها بلطف قبل أن يجلس بجانبها.
نظر إلى إيميليا الممددة على السرير، وجهها الشاحب زاد من ثقل أفكاره. عقله كان مشغولًا، ليس فقط بما حدث قبل قليل، ولكن أيضًا بما سيحدث بعد ذلك.
رفع يده ليمررها على وجهه، محاولًا طرد الأفكار التي لا يريد مواجهتها الآن. ثم همس بصوت بالكاد يُسمع:
"كل شيء سيكون على ما يرام…"
لم يكن متأكدًا إن كان يواسيها أم يواسي نفسه.
في اليوم التالي، وقف جوني في ممر المستشفى، يستمع للطبيب وهو يتحدث بصوت هادئ لكنه جاف:
"حالة إيميليا متعكرة، وظائف جسمها ضعيفة، ونحتاج لإبقائها هنا تحت المراقبة. قد تستغرق فترة طويلة للتعافي، إن تعافت…"
شعر جوني بتوتر غريب يتسلل إلى ص*ره، بينما التفتت إيفا إليه وعيناها ممتلئتان بالدموع. كانت صدمتها واضحة، وكأنها لم تستوعب بعد أن والدتها قد لا تعود كما كانت.
اقترب منها، وضع يده على كتفها برفق وقال بصوت ثابت:
"إيفا، سنفعل كل ما بوسعنا لأجلها. لكنها بحاجة للراحة الآن، وأنتِ أيضًا بحاجة لمكان آمن. ستأتين معي."
لم تجب إيفا مباشرة، فقط نظرت إلى الأرض وهي تفكر. كان المنزل فارغًا بدون والديها، مليئًا بالخوف والذكريات الثقيلة. لم يكن لديها خيار آخر.
بعد لحظات من ال**ت، أومأت بخفة، ليأخذها جوني معه، محاولًا أن يمنحها بعض الأمان وسط الفوضى التي حلت بحياتها.
سمح لها جوني بالمكوث في منزله، محاولًا أن يوفر لها جوًا هادئًا رغم أن أفكاره كانت مشوشة تمامًا. لم يكن معتادًا على وجود أحد معه لفترة طويلة، لكنه أدرك أن إيفا بحاجة لمكان آمن بعيدًا عن كل الضغوط.
جلست إيفا على الأريكة، هاتفها بين يديها، وأصابعها تتحرك بسرعة وهي تكتب لصديقتها آنا:
"آنا، أنا عند السيد جوني الآن… أمي ما زالت في المستشفى وحالتها سيئة."
لم تنتظر طويلًا قبل أن تضيء شاشة هاتفها بإشعار جديد:
آنا: "يا إلهي، إيفا… هل أنتِ بخير؟ هل تحتاجين لشيء؟"
إيفا: "لا أعلم… كل شيء يحدث بسرعة، لا أفهم كيف انتهى بنا الأمر هكذا."
شعرت بدموعها تحرق عينيها، لكنها مسحتها بسرعة قبل أن يلاحظ جوني شيئًا. حاولت التركيز على حديثها مع آنا، فهي الوحيدة التي يمكنها مشاركة مخاوفها معها دون تردد.
آنا: "أنا هنا من أجلكِ، فقط أخبريني بأي شيء تحتاجينه."
تن*دت إيفا وأغلقت هاتفها للحظات، تنظر حولها في منزل جوني الذي بدا غريبًا عنها. لم تشعر بالراحة تمامًا، لكنه كان أفضل من العودة إلى منزلها الفارغ، حيث كل شيء يذكرها بغياب والديها.
كان جوني يهتم بإيفا وكأنها فرد من عائلته، رغم أنه لم يكن شخصًا معتادًا على الاعتناء بالآخرين. كان يحضر لها الطعام، ويتأكد من أنها تأكل جيدًا، وحتى يترك لها ملابس نظيفة لتشعر براحة أكبر.
في كل مرة تستيقظ فيها، كانت تجد كوبًا من الحليب الدافئ أو طبقًا بسيطًا على الطاولة، وكأن جوني يحاول بكل الطرق أن يعوضها عن غياب والدتها ووالدها. لم يكن يتحدث كثيرًا عن ذلك، لكنه كان يراقبها بعناية، يتأكد من أنها لا تبقى حزينة لوحدها طويلًا.
لاحظت إيفا ذلك، لكنها لم تكن تعرف كيف تعبر عن امتنانها له. ذات مرة، حين كان يجلس على الأريكة يقرأ بعض الأوراق، تقدمت إليه بخجل وقالت:
"سيد جوني… شكرًا لك على كل شيء."
رفع نظره إليها لوهلة قبل أن يبتسم ابتسامة خفيفة، ثم قال:
"لا داعي للشكر، فقط اهتمي بنفسك."
لكن في داخله، كان يعلم أن اهتمامه بإيفا ليس فقط بدافع المسؤولية… بل لأنه شعر بأنها تحتاج إلى شخص يكون بجانبها، تمامًا كما كان يحتاج هو في الماضي.
Waiting for the first comment……
Please log in to leave a comment.