مرت الأيام ثقيلة على إيفا، التي كانت غارقة في صدمتها، وكلما حاول أي شخص الاقتراب منها، كانت تبتعد أكثر، تعيش في عزلة تامة. كانت الغرفة التي تقيم فيها هي ملاذها الوحيد، ولم تكن ترغب في رؤية أو التحدث مع أحد، خاصة جون لي.
كان جون لي يشعر بالعجز الشديد وهو يراقبها عن بعد، لم يكن يعرف كيف يقترب منها لي**ر جدار **تها. لم يكن لديه أي فكرة عن كيفية مساعدتها في التغلب على الصدمة التي تمر بها. عينه لم تفارقها أبدًا، وملامح وجهه كانت تحمل تعبيرًا من الألم والحيرة.
الطبيب أندرو كان يحاول طمأنة جون لي، قائلاً له إنه يحتاج إلى وقت، وإنها لا تستطيع أن تتحمل كل ما جرى في وقت قصير. كان يحثه على الصبر، لكنه كان يعلم أيضًا أن إيفا كانت بحاجة إلى شيء أكثر من مجرد العلاج الطبي. كانت بحاجة إلى وقت لترتيب أفكارها وتقبل الواقع الذي فرض عليها بشكل قاسي.
في إحدى الأيام، عندما كانت إيفا جالسة في غرفتها، ممسكة بكتاب قديم دون أن تقرأه، دخل جون لي بهدوء. ابتعد عنها وهو يراها غارقة في أفكارها، محاولًا ألا يزعجها. لكنه لم يستطع أن يظل بعيدًا أكثر. اقترب منها بهدوء، وجلس على مسافة منها، يحاول **ر حاجز ال**ت.
جون لي (بصوت منخفض):
"إيفا، إذا كنتِ جاهزة للتحدث، أنا هنا. أريد فقط أن أساعدك. أعلم أن ما حدث كان قاسيًا، وأنتِ في صراع داخلي، لكنني هنا... من أجل أن أكون معك."
لم ترفع إيفا عينيها، ولم ترد عليه، كانت غارقة في **تها، وكلما اقترب منها، ازداد جرحها الداخلي عُمقًا. لكن في تلك اللحظة، كانت إيفا تفكر في شيء واحد فقط: كيف يمكنها أن تتعامل مع هذا العالم المليء بالأسرار والكائنات التي لا تستطيع فهمها.
هاني كان من الأشخاص الذين يعرفون كيف يتعاملون مع المواقف المعقدة، وكان يملك قدرة على فهم مشاعر الآخرين بشكل عميق. منذ اللحظة التي علم فيها أن إيفا تطرد جون لي، شعر أنه يجب أن يتدخل. كان يعلم أن التعامل مع شخص مثلها، في هذه الظروف الصعبة، يحتاج إلى صبر وحذر شديدين.
دخل هاني إلى الغرفة بهدوء، وكان يحمل معه كأسًا من الماء وبعض الفواكه الطازجة التي قد تكون بداية لحوار هادئ. كان يعرف أن إيفا كانت في حالة نفسية سيئة، لذا كان يجب أن يقترب منها بلطف، دون أن يشعرها بأي ضغط.
هاني:
"إيفا، هل تسمحين لي بالدخول؟ أنا هنا فقط لأطمئن عليك."
لم تجب إيفا فورًا، لكن بعد لحظة من ال**ت، أومأت برأسها قليلاً، مما أتاح له الفرصة للدخول. وضع الكأس والفواكه على الطاولة بالقرب منها، وجلس على المقعد المجاور.
هاني (بصوت منخفض وهادئ):
"أعلم أنكِ تمرين بفترة صعبة جدًا الآن، وكل شيء يحدث بسرعة. لكن ليس عليك أن تتحملي هذا العبء وحدك."
نظر إليها لحظة، يراقب تعبيرات وجهها، ويفهم من خلالها أن الكلمات لن تكون كافية. ومع ذلك، كان يتمنى أن يجد وسيلة لتخفيف تلك الحواجز النفسية التي بنتها حول نفسها.
هاني:
"أنتِ لستِ وحدكِ في هذا. نحن هنا من أجلك، وإذا كنتِ مستعدة للتحدث، فأنا موجود للاستماع. ولكن إذا كنتِ تحتاجين للوقت، فهذا أيضًا مفهوم. لا يجب أن تعجلي في أي شيء."
أخذ لحظة لينتظر ردها، وكان يعرف أن حديثه لن يحدث التغيير الفوري، لكنه كان يملأ المكان بشيء من الطمأنينة والأمان الذي كانت إيفا بحاجة إليه.
إيفا لم تحاول النظر إلى هاني. كانت كلماتها تخرج بسرعة، كما لو كانت تطلق مشاعر مكبوتة طوال الوقت، تعبيرًا عن الألم الذي شعرت به منذ أن اكتشفت الحقيقة. هاني كان يجلس بهدوء، يحاول أن يخفف من حدة مواقفها، ويستمع لكل كلمة تقولها.
إيفا:
"كل شيء كان كذبة! جوني، أو جون لي، لا أستطيع تصديق ذلك. لقد تقرب من عائلتي بكل هذه الحيلة! أمي... ووالدي... كيف لي أن أصدق أنه كان يشارك في كل ذلك؟ وكان دائمًا يظهر وكأنه شخص صالح، كان يبتسم لي، وكان يقدم نفسه كأحد أفراد عائلتي! ومع ذلك... كان يدير منظمة سرية، وي**ع الجميع."
توقفت للحظة لتأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تتابع، والصوت في حلقها يكاد يخنقها من الألم.
إيفا:
"أبي في السجن، لكن ماذا عن أمي؟ لم أرها وهي تموت! لم يكن أحد بجانبنا، وكل شيء ضاع. وما حدث لي... الهجوم من الشبح... الذي جاء ليقتلني، ثم اكتشفت أنني لست إنسانًا، أنني... كائن غريب؟ كيف أواجه هذا؟ كيف أتعامل مع نفسي؟"
تحدثت وكأن الكلمات تكاد تخرج منها بشكل عشوائي، وكأنها تحاول جمع شتات أفكارها الممزقة في لحظة. لم يكن هناك مكان للراحة أو الأمان، وكان كل شيء يبدو وكأنه مؤامرة كبرى كانت تحيط بها منذ البداية.
هاني لم يقاطعها. كان يراقبها بتمعن، يعرف أن هذه اللحظة كانت تحتاج إلى **ت واستماع أكثر من أي شيء آخر. وعندما توقفت أخيرًا عن الحديث، أخذ نفسًا عميقًا وبدأ بالكلام بصوت هادئ:
هاني:
"إيفا، أعلم أن كل هذا يبدو وكأنكِ تتعرضين لصدمات متتالية. لكن لا أحد هنا يريد إلحاق الضرر بك. لقد تعرضتِ للكثير، والآن، عليك أن تدركي أن هذا ليس نهاية العالم. أنتم لستم وحدكم في هذا الصراع. نحن هنا، ولسنا جزءًا من اللعبة التي يلعبها الآخرون. أنتِ لا تقاتلين وحدك."
ثم نظر إليها بعناية، وكان يريد أن يُظهر لها أن الحقيقة قد تكون أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه.
هاني:
"لا يمكنني أن أقول لكِ أن هذا الأمر سيصبح سهلًا. ولكن لد*ك خيار الآن: إما أن تظلّي في الظلام، أو أن تواجهي هذا العالم الجديد الذي اكتشفتهِ وتجعلي منه فرصتك. نحن هنا من أجلك. نحن أسرة الآن، وإذا أردتِ، يمكننا البدء معًا."
توقف لثوانٍ، منتظرًا أن تعبر إيفا عن أي مشاعر أو ترد، محاولًا أن يمنحها مساحة للتفكير.
بينما كان هاني يتحدث، كانت إيفا تجلس هناك، عينيها مشوشة، تكاد ترى الكلمات تطفو في الهواء حولها دون أن تصل إلى عقلها بشكل كامل. كانت محاصرة في دوامة من الصدمات والمشاعر المتناقضة. لم تشعر بأي ثقة تجاهه، أو تجاه أي شخص آخر في هذه المنظمة. كل شيء كان محيرًا، وحتى هاني، الذي بدا لطيفًا ومحاولًا مساعدتها، كان مجرد جزء من هذا اللغز الغريب.
لكن، على الرغم من مشاعرها المختلطة، بدأت إيفا تتأمل في كلماته. كان كلامه يلامس شيئًا عميقًا في قلبها، ربما كانت تبحث عن شيء... أو شخص يعينها على الخروج من هذه الفوضى. لكنها لم تكن مستعدة بعد للاعتراف بذلك.
إيفا (بتردد، وبصوت منخفض):
"أنا... لا أستطيع أن أصدق أي شيء الآن. كل شيء كان مجرد كذبة. والدي في السجن، وأمي... لقد فقدتها، وأنا لا أفهم ماذا يحدث معي. كيف يمكنني الوثوق بكم بعد كل هذا؟"
ثم سكتت للحظة، عينيها تحدقان في الفراغ، كأنها تبحث عن جواب لا تراه.
إيفا:
"أشعر أنني ضائعة. لا أريد أن أكون جزءًا من هذا الصراع. لا أريد أن أكون جزءًا من هذه المنظمة... لكنني لا أستطيع الهروب."
كان صوتها مشبعًا بالضيق، كما لو أنها في صراع داخلي مستمر. هاني شعر بحيرة إيفا، ولكنه علم أن الأمر يتطلب وقتًا. لم يكن يعتقد أنها ستثق بهم على الفور، لكن كان يجب أن تخرج من تلك العزلة التي اختارتها لنفسها.
هاني (بحذر):
"أنا لا أطلب منكِ أن تثقي بنا فورًا، إيفا. ولكن فقط... فكري في ما نقوله، وفي ما يمكن أن يكون هذا العالم بالنسبة لكِ. أنتِ لا تحتاجين إلى المواجهة وحدك."
ظل هاني يراقبها ب**ت، منتظرًا أن تستجمع قواها. كانت اللحظة التي تحتاج فيها إلى قرار، قرار داخلي قبل كل شيء.
بينما كانت آنا تشعر بالقلق الشديد على إيفا، كانت تحاول جاهدة أن تفهم ما الذي يحدث. لم ترد أن تتعامل مع الأمر على أنه مجرد غياب عابر، بل كانت تشعر بأن هناك شيئًا أكبر من ذلك. فبعد أن فقدت الاتصال بـ إيفا لفترة طويلة، قررت أن تتصرف بسرعة. قامت آنا بالإبلاغ عن اختفاء إيفا للشرطة، تأملًا في أن تساعد السلطات في العثور عليها بأسرع وقت ممكن. لكنها كانت تعلم في داخلها أن الأمور ليست بهذه البساطة.
بعدما اتصلت بالشرطة، حاولت الاتصال بـ جوني، لكنها فوجئت أنه لا يجيب على مكالماتها. كان هاتفه مغلقًا، كما لو أن شيءًا قد حدث له أيضًا. في تلك اللحظة، كانت آنا تشعر بالخوف والحيرة، ولم تكن تعلم ما الذي يجب أن تفعله بعد ذلك. جميع الخطوط التي يمكن أن تعول عليها كانت مسدودة.
آنا (بتن*د، بصوت متوتر):
"أين أنت يا إيفا؟ ماذا يحدث هنا؟"
شعرت آنا بأنها فقدت السيطرة على الوضع، لكن كان هناك شيء عميق في قلبها يقول لها أن إيفا ليست في خطر عادي. ربما كانت محاصرة في شيء أكبر من قدرتها على الفهم الآن، وهذا ما كان يقلقها أكثر.
Waiting for the first comment……
Please log in to leave a comment.