بينما كانت إيفا تجلس في المقر، كانت أفكارها مشوشة، لا تستطيع التركيز على شيء. كانت تفكر في آنا، صديقتها الوحيدة التي كانت تشعر بها وكأنها الأسرة الوحيدة التي تبقيها على قيد الحياة في هذا العالم الغريب الذي دخلته. كانت تشعر بالحزن الشديد، وكانت كل تلك الصدمات التي مرّت بها تتراكم عليها أكثر من أي وقت مضى.
قررت أن تذهب إليه. توجهت مباشرة إلى المكان الذي كان جون لي يتدرب فيه، وسط ضوء خافت يع** جهد الجسد الحركي. كان يض*ب الأهداف بتركيز، وكل حركة كان يبدو أنها تمثل جزءًا من مهمته داخل المنظمة. لكنها لم تستطيع أن تظل ساكنة.
إيفا (بصوت قلقل):
"جون لي! ماذا يحدث؟ لماذا كل هذا؟ لماذا أجد نفسي في هذا المكان؟"
توقف جون لي عن التدريب للحظة، وألقى نظرة حائرة على إيفا، التي كانت تقف أمامه بملامح مشوشة. كان يبدو أن كلماتها أثارت مشاعر مختلطة داخل قلبه.
إيفا (بحزم):
"أنا لا أريد هذه الحياة! أريد العودة لحياتي السابقة. كل شيء هنا غريب وغير منطقي بالنسبة لي! لقد خُدعت! أريد العودة إلى آنا، إلى حياتي الطبيعية!"
جون لي (بصوت منخفض، محاولًا التبرير):
"أعلم أنك تشعرين بالحيرة، إيفا. لكن الوضع أكبر من ذلك بكثير. نحن هنا لنحميك، ولد*ك دور مهم في هذا المكان. لا يمكنك العودة الآن. هناك أمور تتجاوز الفهم البسيط."
لكن إيفا لم تكن في حالة عقلية تسمح لها بالفهم بسهولة. كانت فقط تريد الهروب من هذه الفوضى، والعودة إلى الحياة التي كانت تشعر فيها بالأمان والطمأنينة، رغم أنها كانت تعرف أنه لا يمكنها العودة كما كانت.
إيفا (بصوت مرتفع وبغضب):
"لا أريد أن أكون جزءًا من هذه المنظمة السرية! أنا لست مثلهم! لست جزءًا من هذا العالم!"
وقف جون لي صامتًا لوهلة، يحاول إيجاد كلمات لتهدئة الأمور، لكنه كان يعلم في قرارة نفسه أن إيفا كانت على حافة الانهيار.
كانت إيفا مليئة بالحيرة والقلق، لكن رغبتها في الهروب كانت أقوى من كل شيء. لقد أدركت أنه لا يوجد مكان آمن لها داخل هذا المعسكر المشؤوم، فقررت أن تخضع لمغامرة جديدة، مليئة بالخطر، ولكنها كانت وحيدة مع نفسها في تلك اللحظة. كانت تعلم أنه لا أحد سيأتي لإنقاذها، وأن الأمل الوحيد أمامها هو الهروب.
راقبت إيفا بعناية المكان لمدة أيام عدة، كانت كل التفاصيل تقف أمامها ببطء. اكتشفت أن هناك شاحنة تأتي إلى المقر يوميًا، تحمل الأغذية والمستلزمات الأخرى. كان هذا هو الوقت المثالي للفرار. كانت تلك الشاحنة تمثل لها الفرصة الوحيدة للابتعاد عن كل شيء.
في تلك الليلة، قررت أن تتخذ خطوة جريئة. تسللت إلى مكان تواجد الشاحنة، واختارت زاوية مخفية كانت ستتيح لها الوصول إليها دون أن يتم اكتشافها. قبل أن تسحب نفسها إلى داخل الشاحنة، شعرت بحركة قلبها تتسارع من الخوف، ولكن كان خيار الهروب أفضل بكثير من البقاء.
إيفا (بهمس لنفسها):
"هذه فرصتي الوحيدة... إذا فشلت الآن، لن أستطيع الهروب مجددًا."
سحبت أنفاسها، وبدون تفكير أكثر، تسللت داخل الشاحنة التي كانت محمّلة بالبضائع، واختبأت بين الصناديق الكبيرة. كان قلبها ينبض بسرعة، لكنها كانت تحدق في الظلام محاولًة إقناع نفسها بأنها ستنجح. لم يكن هناك مجال للعودة الآن.
بدأت الشاحنة تتحرك، محمّلة بكل ما تحتاجه إيفا من الأمل في هذه اللحظة. كانت تطوف في رأسها أفكار مختلفة عن آنا وأصدقائها، وعن ماذا قد يحدث لها في المستقبل. ما كانت تعرفه فقط هو أنها كانت قد اتخذت خطوة كبيرة نحو الحرية.
لكن كان هنالك شيء واحد تعلمته جيدًا في تلك اللحظة: حتى الهروب ليس خاليًا من المخاطر، وكان الأمل أن تكون قد أعدت نفسها جيدًا لتلك الرحلة الطويلة القادمة.
بينما كانت إيفا مستلقية وسط الصناديق في الشاحنة، بدأ قلبها ينبض بشكل متسارع مع مرور الوقت. كانت الشاحنة تسير بسرعة عبر الطرق المظلمة، متجهة إلى وجهة غير معروفة لها. كلما ابتعدت عن المعسكر، زادت مشاعر القلق والخوف داخلها، لكنها كانت تكرر لنفسها أنها اتخذت القرار الصحيح. لم يكن هناك عودة الآن.
داخل المعسكر، لم يشعر أحد بغيابها على الفور. كان الجميع مشغولًا بمسائلهم الخاصة، خاصة مع الوضع الذي كان يعيشه أعضاء المنظمة. هنري، القائد، كان يعكف على التعامل مع قضايا داخلية أخرى تتعلق بالمنظمة، بينما كان باقي الأعضاء موزعين بين مهماتهم. حتى جون لي، الذي كان دائمًا حريصًا على مراقبة إيفا، كان قد دخل في تدريب مكثف وشغل نفسه بالمهام الموكلة له.
في بداية الأمر، لم يكن هنالك أي إشارات تدل على اختفائها. لكن سرعان ما بدأ جون لي يشعر بشيء غريب، وهو غياب إيفا عن الأنظار، حتى في أوقات تدريبهم المعتادة. تحركت شكوكه سريعًا، وأصبح يراقب كل مكان، يتساءل عن مكانها.
في ذات الوقت، كانت إيفا على متن الشاحنة، وهي تحاول أن تبقي نفسها مختبئة بقدر الإمكان وسط الصناديق. كانت تفكر في الخيارات القادمة لها، كيف ستواجه العالم الخارجي، وماذا ستفعل إذا اكتشفها أحد. كان كل شيء غير مؤكد بالنسبة لها، لكن ما كان واضحًا هو أنها لم تعد تستطيع تحمل البقاء في ذلك المعسكر.
مرت الساعات والشاحنة تسير في طريقها المجهول، بينما كانت إيفا تحاول أن تظل هادئة، متجنبة التفكير في أية فوضى قد تحدث حالما تصل إلى وجهتها. ولكن على الرغم من ذلك، كانت تزداد شكوكها حول ما سيحدث لها، ومن قد يلاحقها إذا اكتشفوا اختفاءها.
في المعسكر، بدأ القلق يتسلل إلى جون لي، الذي شعر بشيء غير عادي. لم يكن يعلم أن إيفا قد هربت بالفعل، لكنه بدأ يلاحظ غيابها تدريجيًا، فقرّر أن يتحقق بنفسه.
بدأ جون لي في البحث في جميع أنحاء المعسكر، جالًا في الأرجاء واحدًا تلو الآخر. بدأ بالحمامات، ثم غرف النوم، والممرات المظلمة التي اعتاد الجميع على المرور منها. كان يزداد توترًا مع كل لحظة تمر دون أن يجد أي أثر لها. قلبه كان ينبض بسرعة أكبر مع كل دقيقة، وكلما اجتمع الأفراد في مناطق مختلفة من المعسكر، أصبح أكثر يقينًا بأنها اختفت.
استعان جون لي ببعض الأعضاء من المنظمة، لكنهم بحثوا جميعًا في كل زاوية وركن، حتى تحت الأرض، دون أن يجدوا أي دليل أو علامة تدل على مكانها. تايلور، الذي لاحظ قلق جون لي، شارك أيضًا في البحث، لكن وجهه كان مليئًا بالتساؤلات. ماذا يعني غياب إيفا بهذا الشكل؟ هل هي تخطط للهروب؟ أم أن شيئًا آخر حدث لها؟
لم يكن هنري على علم بعد باختفائها، لأنه كان مشغولًا بتوجيه الأعضاء في مهام أخرى، لكن مع تزايد التوتر بين الجميع، بدأ القلق يظهر على وجوههم. كان جون لي يحاول الاتصال بها عبر الهاتف، لكن لا شيء كان يستجيب. كان يشعر بضغط كبير، وكأن كل شيء يتدهور بسرعة.
في تلك اللحظة، جاء أحد الأعضاء ليخبرهم أن الشاحنة التي تُستخدم لنقل الإمدادات قد تحركت منذ فترة قصيرة، مما أثار الشكوك في قلب جون لي. كان هناك احتمال كبير أن إيفا قد تكون اختبأت داخل الشاحنة، وها هي الآن في طريقها إلى مكان غير معلوم.
توالت الأفكار في رأس جون لي، وكان القلق يتسرب إلى أعماقه. ماذا سيحدث لها الآن؟ وهل ستتمكن من النجاة بعيدًا عن حماية المنظمة؟
تسارعت الأحداث بشكل درامي بعد أن وصل الخبر إلى هنري. كان الجميع في المعسكر متوترين بعد اختفاء إيفا، وقد تفاقم القلق بين الأعضاء الذين بدأوا يتساءلون عن السبب وراء اختفائها المفاجئ.
عندما علم هنري، دخل مكتب القيادة بسرعة، وعيناه مليئتان بالغضب. كان يراقب جون لي والأعضاء الذين كانوا مشغولين في البحث عنها، لكن الاستفهامات حول التهاون في الحراسة والرقابة بدأت تتصاعد. وقبل أن يستوعب أي أحد ما سيحدث، توجه هنري إليهم، يوبخهم بأعلى صوته:
"كيف حدث هذا؟ أين كانت الحراسة؟ كيف يُسمح لها بالهرب من هنا بهذه السهولة؟"
جون لي وقف صامتًا، وقد شعر بمسؤولية شديدة عن اختفاء إيفا. كانت النظرات التي تلقاها من هنري بمثابة تحميل له اللوم بالكامل، وكان الأمر يضغط على قلبه بشدة.
هنري لم يتوقف عند ذلك، بل راح يتحدث بصوت عميق وحازم:
"هذا فشل كامل من الجميع، الحراس لم يقوموا بعملهم، ولا أنتم قمتم بواجبكم في متابعة تحركاتها! أنت، يا جون لي، كنت أقرب الناس لها، وأنت لم تلاحظ شيء؟! ماذا لو كانت في خطر حقيقي؟"
الجميع كان يشعر بالذنب، ولكن جون لي كان الأكثر تأثرًا من بين الجميع. كان يعلم أنه هو المسؤول عن رعايتها، رغم أنه شعر بالعديد من الصراعات الداخلية، إلا أن الفكرة الآن هي العثور عليها بأي ثمن.
"لن نتركها تذهب هكذا. سنبحث في كل مكان، حتى لو تطلب الأمر كل الجهد والوقت. سوف نجدها." قال جون لي في محاولة ليعيد السيطرة على الوضع.
ثم أضاف هنري بصوت أكثر هدوءًا لكن مليء بالتأكيد: "إذا لم تجدها في أقرب وقت، فكل شيء سيصبح خارج سيطرتنا. يجب أن نكتشف مكانها قبل أن تصبح في خطر أكبر. أنتم الآن جميعًا في حالة تأهب تام. لا شيء يُترك للصدفة."
بدأت الأوامر تتساقط من هنري على الجميع. كان يوجه بعض الأعضاء إلى البحث في أماكن محددة، بينما كان جون لي يخرج من الغرفة بأسرع ما يمكنه لتنسيق عمليات البحث مع الآخرين. كان العرق يتصبب من جبينه وهو يدرك حجم الخطأ الذي وقع فيه. لكنه لم يكن في موقف يسمح له بالتراجع. كان يجب عليه أن يجد إيفا، وأن يعيدها بأمان مهما كلف الأمر.
Waiting for the first comment……
Please log in to leave a comment.